مع قيام الثورة الصناعية في أواخر القرن التاسع عشر بدأ ظهور الاختراعات الحديثة، ومع استمرار الثورة الصناعية كانت النتائج خطيرة على النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية؛ مما كان له الأثر الإيجابي على الإنتاج، واتساع حركة التبادل التجاري، وزيادة المبتكرات؛ الأمر الذي أوجب وجود أنظمة قانونية جديدة لحماية الاختراعات، وتنظيم العلاقات التجارية في إطار ما يعرف بالنظام التجاري الدولي، ولذا بدأت التشريعات المقارنة الاهتمام بتنظيم حقوق الملكية الفكرية بشقيها: الملكية الصناعية، والملكية الأدبية والفنية، وهذا لا يعني حداثة موضوع حقوق الملكية الفكرية، بل هو موضوع له جذور راسخة منذ القدم، ولكن حماية هذه الحقوق لم تكن تأخذ الطابع الدولي؛ فبالرغم من قيام كثير من الدول بحماية الاختراعات والمؤلفات الأدبية والفنية إلا أن ذلك كان على مستوى التشريعات الوطنية؛ ولم يتم إعماله خارج هذه الحدود؛ ولذا رأت الدول المتقدمة أن هذه الحماية غير ملائمة، وغير كافية؛ ومن ثم سعت إلى بسط حماية حقوق الملكية الفكرية على المستوى الدولي على النحو الذي يفي بأهدافها الاقتصادية من خلال فرض التزامات دولية في شكل اتفاقيات دولية، وتُعَدّ اتفاقية باريس من أهم الاتفاقيات التي ارتكز عليها نظام الحماية الدولية لحقوق الملكية الفكرية، ولذا سيتناول المؤلف هذا الجزء من خلال ثلاثة فصول؛ جاءت عناوينها على النحو التالي: التطور التاريخي لحماية حقوق الملكية الفكرية، والتريبس ورفع مستويات حماية حقوق الملكية الفكرية، وأثر تطبيق اتفاقية التريبس على اقتصاديات الدول النامية.
No Comments.